Wednesday, July 20, 2011

النسخة الأصلية (المسودة) التي كتبتها ٦ سبتمبر ٢٠٠٧ دون أي تنقيح :)
-------------------------------------------
منذ وقت بعيد لم أمارس أياً من هواياتي.. وهما الموسيقى والكتابة.. ولا أعرف لماذا.. ربما الانشغال أو ربما أسباب أخرى لا أعلمها.. على أي حال لم تعد تلك الأسباب تهم الآن..
عندما رن هاتفي المحمول يوم الثلاثاء 4/9/2007 حوالي الساعة الحادية عشر صباحاً وكان رقماً غير مسجل على هاتفي، ولكني أحسست أن المتصل هو ذلك الشخص الذي كنت أعلم أنه سيتصل بي.. ويالحستي السادسة.. فإحساسي كان محقاً إنها أ/مروة عوض..!! أ/مروة عوض هي مساعد التحرير الأول في مجلة كلمتنا.. فلقد قالت لي يوم أن قابلتني في حفل تخرجنا أنها ستتصل بي.. وعندما كلمتني قالت "هنعمل الحوار دلوقت في التليفون.. مناسب؟" فسألتها "دلوقت؟؟" في الحقيقة لم أكن أسأل لشيء إلا لأني توترت حينها وحينما قالت لي "كلميني عن نفسك.. يعني قولي أي حاجة أنتي عايزاها عن نفسك" فحينها شعرت أن وجهي قد احمر واصفر وظهرت عليه جميع الألوان التي يمكن أن تظهر على وجه شخص شعر بالفزع.. وأعتقد أنها شعرت بتوتري هذا.. فأنا لا أجيد الحديث عن نفسي وعن أحلامي.. وعندما انتهينا من حديثنا وبعدما عرفت أ/مروة أني كنت أود الكتابة في كلمتنا منذ فترة ولكني لم أقدم على ذلك جدياً من قبل فقالت لي ما رأيك أن تبدأي بالكتابة لكلمتنا لأول مرة ولتبدأي بالكتابة عن نفسك.. فعجبتني الفكرة ووعدتها في الحال بأني سأفعل حيث وجدت في ذلك فرصة لتعويض فشلي في أثناء حديثها معي فلم أعبر بشكل جيد عن أفكاري وأنا أحدثها فلقد حاولت التركيز والهدوء ولكن بلا جدوى فلقد كان توتري أعلى من تركيزي..
وظللت أفكر منذ أن أنهينا حديثنا ماذا سأكتب عن نفسي.. فلقد عاودتني الحيرة مجدداً عندما أمسكت بالورقة والقلم.. من أين سأبدأ وماذا أقول..؟!
فحياتي كانت عادية جداً منذ طفولتي كأي طفلة، كنت ألعب وأجري وأذاكر وأتفوق إلى أن بلغت الثالثة عشر من عمري فلقد اكتشفت أسرتي أني مريضة بهشاشة العظام وتسبب ذلك في إصابتي بعدة كسور في عظامي منذ تلك الفترة.. فظللت منذ ذلك الحين في المنزل وأكملت دراستي حتى الثانوية العامة وأنا بالمنزل وفي الفترات التي كنت أتعافى فيها من أحد تلك الكسور كنت أتنقل داخل المنزل على كرسي متحرك.. لا أنفي صعوبة تلك الفترة غير القصيرة علىّ وعلى أسرتي.. ولكن الله كان يهون علينا ذلك كثيراً.. وكنت دائماً أشعر أنه يسهل علينا أمور كثيرة ويقوينا..
وخلال تلك الفترة لم يؤثر ذلك على نفسيتي.. بل كنت أكمل حياتي كأنه لم يحدث شيئاً وكنت دائماً أشعر بأمل في أن غداً سيكون أفضل بإذن الله.. ورغم أ، ذلك المرض كان يستنزف جزءاً كبيراً من الوقت في العلاج الطبيعي وغير ذلك ولا أنكر أنه كان يأخذ حيزاً أيضاً ليس بقليل من تفكيري.. ولكن بفضل الله أولاً وبمساعدة والديا وأختي لي كنت استثمر الوقت المتبقي في المذاكرة.. وفي أجازة الصيف كنت آخذ دروس موسيقى على آلة الأورج التي هي هدية أمي وأبي لي عندما كنت الأولى على الإدارة التعليمية في الصف الثالث الابتدائي حيث حصلت على 100% ، ولكن لم تأت الفرصة لأتعلم عليه إلا في ذلك الوقت
وفي امتحانات الثانوية العامة في المرحلة الأولى (أي ثانية ثانوي) امتحنت أول امتحان فقط وكان امتحان اللغة العربية وفي اليوم التالي صباحاً كُسرت رجلي مرة أخرى ولم أستطع استكمال امتحاناتي فاضطررت لتأجيلها للدور الثاني..
وانتهت فترة الثانوية العامة.. وكمثل باقي طلبة الثانوية العامة في رحلة البحث المعتادة عن كلية.. ولقد فكرت في جميع الكليات والتخصصات ماعدا الإعلام !! ولم أقصد ذلك ولكنه لم يخطر ببالي.. وعلمت بالصدفة البحتة بوجود قسم الإعلام في كلية الآداب جامعة عين شمس فقررت أن أقدم في كلية الآداب وعند التنسيق الداخلي للكلية كانت الرغبة الأولى هي قسم علوم الاتصال والإعلام..
ولم أكن أعرف شيئاً عن ذلك المجال سوى ما يعرفه الناس في المعتاد.. ولكني فوجئت أني أعجبت بتلك الدراسة كثيراً وانجذبت إليها جداً، ورغم استمراري في التحرك بعكازين إلا أنني كنت أهوى ما يطلبه الاساتذه من التكليفات العملية.. وفي الحقيقة أنا لا أحب الحفظ فكانت المواد العملية أو التي بها أجزاء عملية هي أعلى المواد تقديراً لدي فكنت دائماً أحصل في تلك المواد على امتياز وذلك كان يعوض كثيراً عدم حبي للحفظ في مواد أخرى
ورغم أنني حتى الآن يصيبني الخوف والقلق الشديد عند بذلي لمجهود كبير بسبب خوفي على صحتي.. لكن أثناء قيامي بالأشياء العملية في الكلية كالتصوير والمعاينات وإجراء الحوارات والأوقات الطويلة التي نقضيها في المونتاج – خاصة وأني تخصص تليفزيون – لا أفكر في هذا الخوف مطلقاً.. فالشيء الوحيد الذي انسى نفسي فيه هو أثناء عملي في أي من المشاريع التي نقوم بها منذ أن دخلت تخصص تليفزيون في سنة ثالثة..
وليس فقط المشاريع العملية التي كنت أعشقها ولكن أيضاً الأبحاث التي تُطلب منا.. فأنا مدمنة بحث على الانترنت وذلك ساعدني كثيراً عند إجراء أياً من الأبحاث التي نقوم بإعدادها خلال الدراسة فالكمبيوتر والانترنت نافذة على العالم كله.. وشيء أساسي بالنسبة لي ولا أستطيع قضاء يوم بدونه، وربما كان ذلك بسبب أنني ولدت لأجد كمبيوتر في منزلنا زكان والدي يعمل عليه..
ومن شدة ولعي بالنترنت وإيماني بفائدته.. فكرت في عمل مجموعة نقاش (Yahoo Group) خاص بدفعتنا لنتواصل من خلاله، وليكون أكثر فائدة قلت لبعض الاساتذة أني قمت بعمل هذا الgroup  على الانترنت ويمكنهم أن يتواصلوا معنا من خلاله أو يضعوا لنا أي أوراق مهمة أو غير ذلك، وكان هدف الهدف الأساسي هو أن تتصل أفراد دفعتنا ببعضها البعض ونُفيد ونساعد بعضنا
وكنت سعيدة جداً عندما كان يقابلني زملائنا في الدفعة ويقولون أن ذلك ساعدهم بشكل كبير.. كنت حقاً أسعد لأنهم سعداء بذلك ومستفيدين منه.. وكان ذلك سبباً في تعرفي على عدد كبير جداً من زملائنا في الدفعة.. فلقد عرفت أغلب الدفعة وأغلبهم عرفني..
وجاءت أفضل لحظة كنت انتظرها منذ دخولي الكلية.. وهي مشروع التخرج.. وبعدما أصبحنا مجموعات في كل سكشن، كان من المفروض أن يقدم كل منا فكرة، فاخترت فكرة العنف ضد الأطفال واخترت اسماً لها وهي "طعنة في قلب البراءة" ووقع اختيار المخرج خالد شبانة – وهو استاذنا في السكشن -  على تلك الفكرة ولم أكن أتوقع ذلك ولكنه حدث.. واقترح علينا أن يكون ذلك في شكل فيلم تسجيلي وقد كان..
وظللت ليل نهار أفكر في ذلك الفيلم وقابلنا – مجموعة العمل كلها – أشياء لم تصادفنا من قبل.. حتى أن حماسنا كان يقودنا لمخاطر لا تخطر على بال.. ففي إحدى المرات كنا ننوي مقابلة طفل هارب من إحدى الإصلاحيات في إحدى المقاهي.. وكان ذلك شيئاً مرعباً جداً.. فمن يضمن ماذا يمكن أن يحدث.. ولكن حمداً لله أنه استقر رأينا في النهاية على عدم الذهاب
وكنت دائماً أحلم أن يظهر فيلمنابالشكل الذي تمنيناه وأن يوصل الرسالة التي أردناها وحلمت أيضاً أن يأخذ جائزة في مهرجان الانتاج الإعلامي لمشاريع التخرج الذي يقيمه قسم الإعلام.. ولكني كنت دائماً أقول لنفسي هل يمكن أن يحدث ذلك ؟!!
وجاء يوم المهرجان ومن أول اليوم كنت في غاية القلق والتوتر.. وحينما جاءت اللحظة الحاسمة.. لحظة إعلان النتيجة للأفلام الفائزة كان قلبي يدق بشدة.. وحينما سمعت اسم الفيلم الحائز على الجائزة الثانية.. الفيلم التسجيلي.. طعنة في قلب البراءة.. لم أصدق نفسي حينها.. كدت أتعثر وأنا أذهب للمسرح.. لا أصدق لقد حدث ما كنت أحلم به.. وانفجرت دموعي في تلك اللحظات.. وكانت هي المرة الأولى في حياتي أن تنهمر دموعي عندما أفرح.. فكنت دائماً لا أقتنع أن من يفرح يبكي.. فماذا يفعل حين يحزن إذن..!! ولكن هذه المرة لا.. فوجدت أنه لم يمكنني إدراك ذلك الشعور إلا عندما شعرت به.. فهي فرحة غامرة جعلتني ارتعش بشدة.. وكانت أول مرة اختبر فيها ذلك الشعور
وبعدها بيومين ظهرت نتيجتي وحصلت على جيد جداً كتقدير عام.. فعندها أزيلت آثار السنين الدراسية بكل ما فيها من مشقة وعناء.. وحان وقت الاحتفال بالتخرج والتفكير في حياة ما بعد الجامعة
وتم عمل حفلة تخرج ينظمها زملائنا من دفعتنا وبمساعدة طلبة من دفعات أخرى.. وأقاموا حفل تخرج بدار الأسلحة والذخيرة وبعدما ألقينا القَسَم الإعلامي طلبت مني إحدى منظمات الحفل أن انتظر بجوار المنصة، ولم تقل لي لماذا.. ولم أسالها.. فتعجبت حتى أنني ظننت قد سمعت خطأً.. ولم تدم حيرتي طويلاً.. وقالوا من يقدمون الحفل "جائزة الطالبة المثالية للدفعة الثامنة لسنة 2007 ......" ولم يقولوا الاسم منتظرين أن تصعد الطالبة أولاً.. وأنا أقف ولا أعلم شيئاً وقالوا لي "يلا اطلعي" فاستغربت فقالوا "أيوة يا ايرين انتي" وأكملت من تقدم الحفل "فازت بجائزة الطالبة المثالية.. ايرين ناجي.." فلم أصدق نفسي للمرة الثانية في حياتي وأيضاً حصلت أسرتي على جائزة الأسرة المثالية، وقالت من تقدم الحفل "وجائزة الأسرة المثالية للأب والأم اللي كنا دايماً بنشوفهم معانا في المحاضرات بيوصلوا بنتهم وبيستنوها" وانفجرت دموعي للمرة الثانية في حياتي عند فرحتي بذلك.. لقد كان ذلك التكريم بناءاً على اختيار زميلاتي وزملائي ولم أكن أعلم بذلك.. وقد لا أعلم سبباً أكيداً لاختياري.. ولكن ماقالوه في الحفلة أنني كنت أحضر جميع المحاضرات وذلك صحيحاً فلم أكن أحب تفويت المحاضرات حتى وإن كانت مواعيدها صعبة وخاصة أن أبي وأمي هما الذين يأتون معي لتوصيلي وانتظاري حتى تنتهي المحاضرات وحتى في بعض الأيام القليلة التي كنت لا أستطيع الحضور كانت أختي تحضر لي تلك المحاضرات وقد يكونوا أيضاً رأوا سبباً آخر إلى جانب ذلك وهو عملي للـ group على الانترنت، حيث كانوا دائماً يقولون أن فكرة وجوده رائعة ويرون أ، ذلك شيئاً كبيراً قمت به.. مع أنني كنت أرى أنه شيئاً عادياً.. وكانوا يرون أني استهلكت جزءاً من وقتي فيه.. مع أنني أيضاً كنت أجد أن ذلك عادياً وأؤمن أنه لا يستحق أن يولد من عاش لنفسه فقط..
وحتى آخر يوم في الامتحانات كانوا ممتنين جداً لذلك حتى أن زميلة لنا جائتني في ذلك اليوم وعرفتني بنفسها وقالت لي كلمة يستحيل أن تنساها أذني قالت لي "أنا عايزة أقولك حاجة.. انتي طيبة أوي" وتعجبت جداً ومن هول ما سمعت لم استطع الكلام وشكرتها كثيراً على رأيها هذا وكدت أسألها لماذ ترين ذلك ؟!!!
ولكني أحرجت أن أسأل.. وإلى الآن لا أعلم لماذا تشعر بذلك فلم اتعامل معها مباشرةً من قبل !! فكل ما عملت كنت أعمله بشكل عادي وتلقائي ولم أرى في ذلك أي شيء غريب أو يدعو للإعجاب لقد كنت أتصرف كما أشعر.. فلا أعلم ما السبب الحقيقي وراء اختيار زميلاتي زملائي لي.. ولكن كل ما أعرفه أني سأعيش عمري كله أقدر ذلك التكريم الذي يعني لي كثيراً وذلك الحب الكبير الذي أحسسته مع كل زميلاتي وزملائي..
والآن بعدما انتهيت سنين الدراية فإني أحلم بالغد.. وأحلامي كثيرة جداً.. وأود أن أكمل دراستي أي أقوم بعمل دراسات عليا في المجال الذي عشقته في مجال الإعلام.. وهذه هي أبسط الأحلام.. ولكن مازال هناك الكثير جداً.. أحلم أن أعمل في مجال دراستي وأحلم أن يكون الإعلام أفضل.. وبعدما عملت في مشروع تخرجي وجدت أني أعجب كثيراً بالأفلام التسجيلية ولكن لا أجد اهتمام كبير بذلك المجال في مجتمعنا وهذه أيضاً أحد أحلامي أن أعمل في ذلك المجال.. وهناك أحلام أكثر من تلك بكثير.. أحلام وأ/نيات تحتاج صفحات وصفحات.. ولكني مازلت في البداية وكل شيء كان بدايته حلم.. وأصعب ما فيه هو الوصول إليه وأحمل ما فيه صعوبته تلك.. حتى يستطيع المرء أن يشعر بالفرحة الحقيقية حينما يرى الحلم الذي كان في خياله أمام عينيه على أرض الواقع..
وقد يكون شيئاً يدعو للتعجب أني قلت في البداية أني لا أجيد التحدث عن نفسي وعن أحلامي بعدما كتبت كل ذلك.. ولكن نعم.. فأنا لا أجيد التحدث عن ذلك حقاً.. ولكني أستطيع الكتابة عنه لأني لا أكون وجهاً لوجه مع من أحدثه..

ايرين ناجي – 21 سنة / القاهرة

Hypersmash.com